قوة الكويت الناعمة... وتصحيح المسار





قوة الكويت الناعمة... وتصحيح المسار                
نافع حوري الظفيري                
كان يزين المكاتبات الرسمية في السابق شعار "الكويت بلاد العرب"، وهو لم يكن مجرد شعار لا معنى له، انما وليد ثقافة ترسخت منذ قام المجتمع لدينا.
لكن قبل البحث في معناه نعود الى معنى مصطلح "الكويت"، ففي اللغة "الكوت" كلمة تستخدم في شرق الجزيرة العربية والعراق، وتعني القلعة أو الحصن، وقيل إن أصلها برتغالي أو هندي، وهي في اللغتين تعني القلعة، أو هي عربية من كلمة "قوت"، ومن ذلك اشتق اسم الكويtت، اي القلعة او الحصن، وبالتالي فإن الشعار التاريخي يعني ان "الكويت حصن العرب"، وهذه ليست فذلكة لتمجيد بلدي، انما هي حقيقة ترسخت على مر الزمان.
لذا فإن اول تعبير عن رسالة الكويت الى العالم العربي كانت في العام 1958، عندما امر المغفور له، الشيخ صباح الاحمد، رحمه الله، حين كان رئيساً لدائرة الارشاد والانباء باصدار مجلة تعبر عن رؤية الكويت الى المحيط، وهي"العربي"، التي تعبر بصدق عن العالم العربي، وتحولت منذ ذلك الزمن ركناً اساسيا في الثقافة العربية.
بعدها تأسس المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، واصدر سلسلة كبيرة من المنشورات التي حولت الكويت رسالة ثقافية، وقوة ناعمة الى العالم العربي، وكان لها، ولا يزال حضورها وقوتها، ناهيك عن الانفتاح على الفنون الاخرى، من غناء ومسرح، ومحاولات في السينما، والتي كانت لها قوة من الحرية المعترف بها في المجتمع لتعبر عنه كعامل حقيقي عن تسامحه.
على هذا الاساس بنيت اسس المجتمع حتى ما قبل الدولة، وهي عامل من عوامل دستورها الذي حض على جعل التسامح سلوكاً بين الناس، ورغم ما شهدته السنوات الاخيرة، والاحداث التي عاشتها البلاد، والازمات، الا ان الرؤية لم تتغير، حتى في اقسى الظروف المصيرية.
من هنا حين نقول ان الكويت تتجدد فهي لا تخرج من جلدها، ولا جوهرها، انما تصحح المسارات بعدما اصيبت ببعض العطب جراء عوامل نتجت من مفاعيل الازمات الداخلية التي مرت بها طوال العقود الثلاثة الماضية، وكنا قد اشرنا في مقالة سابقة اليها.
اليوم تدخل الكويت مرحلة جديدة، فيها الكثير من المصاعب الواجب الاخذ بها من اجل الشفاء من مرض تسبب به سلوك سياسي واقتصادي تعمم بفعل القلق في اللا وعي الجمعي نسبة الى ما تركه الغزو، وكذلك التهديدات الاقليمية الضاغطة على الجميع في المنطقة، ومنها المجتمع المحلي.
ولان المعروف اذا فسد الملح يعالج بالملح ذاته، فإن الديمقراطية تصحح نفسها بنفسها، لذا فإن الاجراءات التي اطلقها صاحب السمو الامير، هي من ضمن المعالجات الواجبة لتصحيح المسارات، والعمل على تطوير الدستور ضمن الاسس التي قامت عليها الكويت، داخليا وخارجيا، عبر رؤية محددة محكومة بما يساعد على تطوير المجتمع والدولة.
لهذا فإن هذه القلعة، مهما كانت المصاعب، تبقى بقوتها، وبالتالي فإن الكويت تبقى بلاد العرب، وتترجم الشعار عملاً وليس قولاً، وهذا المجتمع يبقى جهده منصباً على المحافظة على رسالته الثقافية الى العالم العربي.
مناسبة هذا القول بعض ما يصدر من جهات لا تدرك معنى هذه الاجراءات، اما بسبب عدم معرفتها بالكويت وطبيعة مجتمعها، او نتيجة حسابات حزبية، خارجية او داخلية، وبالتالي لا بد من النظر الى مجمل الامر بنظرة شاملة لا تقوم على الحسابات الشخصية، او المصالح الموقتة.
اللهم احفظ الكويت.
محام و كاتب كويتي