العناوين

مفكرون ومثقفون عالميون يناقشون مستقبل الحوار وتحديات التقارب بين الشعوب

أكدوا على الدور الريادي لسلطنة عمان في تبني ثقافة الوئام الإنساني




مفكرون ومثقفون عالميون يناقشون مستقبل الحوار وتحديات التقارب بين الشعوب

أكدوا على الدور الريادي لسلطنة عمان في تبني ثقافة الوئام الإنساني

الرواس: الحوار نهج العقلاء وخيار الحكماء وهو سياسة سلطان البلاد

أمين عام الخارجية: سياستنا شمولية في النظر ونبذ الانحياز واحترام الآخر

دقت العبارة التي اقتبسها معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي الأمين العام لوزارة الخارجية من المفكر العربي وعالم الاجتماع ابن خلدون ناقوس خطر يمكن أن يهدد العلاقات الدولية والأممية التي يبدو أنها تعيش خاصة العربية منها مأزق هزيمة نفسية قد تفضي بها حسب ابن خلدون إلى الانتهاء.

ويقول ابن خلدون في مقدمته “تعرضت الكثير من الأمم عبر التاريخ إلى هزائم مادية، لكنَّ هذه الهزائم لم تؤد إلى نهاية الأمة. لكن عندما تصبح الأمة ضحية لهزيمة نفسية، فإنها تنتهي”.

وكان معاليه متحدثا في الندوة العلمية التي تقام ضمن أسبوع التقارب والوئام الإنساني في نسخته الثالثة والذي نظمه مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم. ورعى حفل الافتتاح معالي الأستاذ عبدالعزيز بن محمد الرواس مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية الذي أكد بعيد حفل الافتتاح إن أسبوع التقارب والوئام الإنساني مناسبة مهمة تجتمع فيه كوكبة من المفكرين والمثقفين في عمان لتبادل الرأي وإقامة حوار مع زملائهم العمانيين حول مختلف المواضيع التي تهم الإنسانية.. معتبرا معاليه ذلك ترسيخا للنهج السامي لجلالة سلطان البلاد القائم والداعم لنهج الحوار الذي هو نهج العقلاء وخيار الحكماء.. مؤكدا معاليه أن الحوار هو أداة التواصل الثقافي بين الشعوب والطريق الأسلم لتحقيق المصالح المشتركة بينهم وتحقيق التفاهم على ما اتفقوا عليه عبر العصور من مبادئ وقيم سامية تعتنقها كل الشعب والمجتمعات. وشدد معاليه على أنه لمّا كانت القيم الإنسانية مشتركة فلا بد أن يكون الجدال فيما بينها بالتي هي أحسن وبالقول الذي يثري معرفة الإنسان وتمكنه من معرفة الآخر؛ لأن الإنسان عندما يكون على بصيرة يستطيع أن يهتدي للطريق القويم.

وحضرت العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين الدول في الندوة العلمية أمس بشكل طاغ كما حضرت الكثير من الأمثلة العملية عليها من المشهد العربي وكذلك الغربي.. سواء ما يحدث في سوريا أو العراق أو حتى ما حدث في بعض دول الربيع العربي.

وأكد المحاضرون على أهمية التجربة العمانية في مجال الحوار وتبني سياسة التقارب والوئام مطالبين تبني الأمم المتحدة لتجربة السلطنة التي تحتفل سنويا بثقافة التقارب والحوار وتنشء الشباب العماني عليها.

ورغم التركيز على أهمية الحوار في التقارب بين مختلف المجتمعات والحضارات إلا أن جميع أوراق العمل لم تهمل الحديث عن التحديات والمصاعب التي تقف أمام نجاح الحوار وتحويله إلى أداة تقارب حقيقي، لكنهم أكدوا أيضا أن أهمية مثل هذه الندوة تكمن في أنها تؤسس لثقافة ستكون في يوم من الأيام هي الثقافة السائدة وهي ثقافة السياسة العالمية لأن متلقيها والمشاركين فيها هم فئة الشباب صناع الغد.

وكان معالي السيد أمين عام وزارة الخارجية المتحدث الرئيسي في الندوة التي شارك فيها نخبة من المفكرين والباحثين والمثقفين في مجال التقارب بين الأديان والحضارات والتي قُدمت فيها 15 ورقة.

وأكدت الندوة على أهمية دعم المبادرات المعززة لتوجهات الوئام والتعايش والحوار الإنساني، وربط الأهداف والمضامين النظرية للحوار بآليات تنفيذ ووسائل علمية تحقق الأهداف الإنسانية الشاملة للحوار بين الثقافات والحضارات. كما أشاد الجميع بالدور الذي تقوم به السلطنة في سياق إرساء ثقافة الوئام والحوار الحضاري وحرصها الدائم على الانحياز لثقافة السلم والحوار البناء.

وأكد معالي الأمين العام في ورقته التي حملت عنوان “السياسة والوئام الإنساني” أن السياسة العمانية الخارجية تنتهج ثلاثة أسس رئيسية هي شمولية النظر والسعي من أجل التوصل إلى حلول جماعية، ونبذ الانحياز إلى طرف بعينه في صراعات الآخرين أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والتسامح واحترام عادات وتقاليد الآخرين وإن بدت غريبة علينا.

وفي سياق حديثه عن تلك الأسس تحدث معاليه عما يحدث في سوريا اليوم معتبرا “أن الأطراف العالمية المتصارعة هناك باتت تنظر إلى مصالح الشعب السوري باعتبارها أولوية ثانوية وسط سياسات طائفية مدمّرة، ومصالح ذاتية خاصة، أدت إلى تأخر الحوار الهادف إلى بلوغ التقارب والوفاق الوطني”.

وأكد معاليه أن أسبوع التقارب والوئام الإنساني تجسيد للقيم السامية التي يتحلى بها إنسانُ عمان، وتنعكس على أدائه الاجتماعي والسياسي.

واستشهد أمين عام الخارجية بالكاتب الإنجليزي وليام شكسبير الذي يذكر الإسلام في كتاباته المسرحية حوالي مائة وإحدى وأربعين مرة، ضمن إحدى وعشرين مسرحية من أعماله في إشارة إلى أهمية التقارب بين الأديان بل ضرورة ذلك في ظل تداخل العالم اليوم في قرية صغيرة.

وأكد معاليه “إذا نظرنا إلى الواقع المعاش بعيون شكسبير، وفكر ابن خلدون وأمثالهما من المفكرين الذين يسعون إلى استقرار الأمم وتعاونها، لما كنّا بحاجة إلى منابر كالأمم المتحدة.. مشيرا أنه بات من المسلم به أن معظم حالات التوتر والصراع تنجم عن الجهل بالآخر أو تجاهله.

ويبدو أن هذه الفكرة الأخيرة التي طرحها أمين عام الخارجية كانت هي محور حديث الورقة الثانية في الجلسة الافتتاحية التي قدمها الدكتور جيمس الزغبي مدير المعهد العربي الأمريكي والتي حملت عنوان “إضعاف ثقافة الكراهية ودوره في التقارب الإنساني”.

ومن خلال العديد من الاستبانات ومقايس الرأي التي أجراها المعهد تبين للزغبي أن معظم كره الأمريكان للعرب ناتج عن جهلهم بهم. وأن الصورة النمطية السائدة عن المنطقة العربية أنها منطقة إرهاب وعنف، أو رجل عربي يركب جمل ويسير في الصحراء بجانب حقل نفط، حتى أن صورتهم النمطية عن دولة بحجم مصر هي مجرد رجل يركب جملاً ويسير بجوار الأهرامات.. ليس أكثر من ذلك وليس أقل. واعتبر الزغبي أن المشكلة في المناهج التعليمية في أمريكا التي لا تعطي صورة حقيقية عن العالم الآخر. وقال الباحث إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن العرب يحبون القيم الأمريكية ويحبون ثقافتها لكنهم يكرهون السياسة الأمريكية.. إلا أنه عاد وأكد أن عقلية العرب في النظر إلى أمريكا تغيرت كثيرا بعد غزو العراق وأحداث سجن أبو غريب حتى أنني كتبت مقالاً حينها “والحديث للدكتور جيمس الزغبي” بعنوان “إنهم لا يحبوننا”.

وفي الجلسة الثانية التي خصصت لمحور “التقارب الإنساني في الخطاب السياسي” قدمت خمس أوراق عمل شارك فيها التونسي الدكتور أحمد القديدي رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس بورقة عمل بعنوان “الواقع الحضاري للأمم وانعكاسه على الخطاب السياسي، فيما قدم الدكتور البلغاري بلامين ماكريف  ورقة بعنوان “الأثر التربوي للخطاب السياسي السلمي في التقارب الإنساني” وقدم الدكتور الجزائري عبدالمجيد عمراني عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة باتنه ورقة بعنوان الحوار السياسي ودوره في تقوية التقارب الإنساني”، وقدم اللبناني الدكتور عاصم شكيب صعب ورقة بعنوان “ترسيخ مفهوم الاعتدال في الخطاب السياسي ودوره في التقارب الإنساني”. أما الورقة الخامسة في المحور الثاني فقدمها الدكتور صالح الخروصي بعنوان “أهمية الشراكة الدولية في توظيف وسائل الإعلام لتعزيز التقارب الإنساني”.

وجاء المحور الثالث من الندوة العلمية بعنوان “التقارب الإنساني والتحديات السياسية” والتي شملت تقديم خمس أوراق عمل أيضا شارك فيها البريطاني فرحان نظامي استاذ التاريخ الحديث والدراسات الشرق أوسطية بجامعة أكسفورد بعنوان “أثر الاستقطابات والتدخلات الخارجية على التقارب الإنساني” والتي سرد فيها الآثار السلبية المترتبة على التدخلات الخارجية التي تقوم بها دول أو تكتلات في شؤون دول أخرى، وكذلك الاستقطابات الفئوية أو الحزبية التي تسعى لها دول في دول أخرى وما يترتب على تلك التدخلات والاستقطابات من ابتعاد عن عوامل التقارب الإنساني وعدم مصداقية دعوات ذلك التقارب.










              Pages   1 |