التحرير

افتتاحية: قبل النووي... كان يجب معالجة النوايا




افتتاحية: قبل النووي... كان يجب معالجة النوايا

لا نعلم اذا كان المسلمون (سنّة وشيعة) يدركون ان الخلافات والصراعات الدموية ستدمر المنطقة بكاملها.

ولا نعلم اذا كانت عملية «تدمير الذات» قد اضحت أهم بكثير من عملية تدمير اسرائيل الجاثمة على صدر المنطقة بكاملها بشكل مباشر أو غير مباشر.

ولا ندرك ايضاً اذا كانت آلاف القتلى وملايين المهجرين، تستأهل عند المختلفين الجلوس حول طاولة حوار للتفاهم بشأن المشاكل العالقة بعيداً عن صراخ الدم وأنين الداشرين على أبواب الدول؟

اننا أمام هذه الكارثة الكبيرة التي لم يشهد مثلها التاريخ بعد، نسأل:

هل هناك من بطولات بعد، يسجّلها المختلفون وهي تتمثل في اعتماد المنطق العقلاني والحلول العادلة التي توفر مصائر شعوب باكملها؟

لقد هلل المهللون أخيراً للاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران، لكن بدل النووي، بقيت النوايا السلبية تمثل أخطر سلاح قد يدمر المنطقة بكاملها، بعد ان ظهرت دلائل هذا الخطر من الحروب الدائرة  الان في سوريا واليمن والعراق وليبيا، ناهيك عن عمليات الدمار والقتل التي ترتكبها «داعش» في كل مكان.

من هنا، ومن الوجع الكبير الذي يطال كل حبة تراب في منطقتنا المبلولة بالدم، نطلق الصرخة كبيرة الى اقطار الارض، علّ للعرب والفرس آذان تسمع، بعد أن ضاع أملنا في أن الدول الكبيرة قد تقدم على إيجاد حلول، بل أنها على ما يبدو، مصرّة على إشعال نار الفتن في كل دولة من الدول العربية، وهذه الفتن تتمثل اليوم في تأجيج الصراع السني -  الشيعي، الذي لن يهدأ قبل أن تتحول المنطقة الى رماد.

وقد يقول قائل: ما بال هؤلاء يسرفون في رسم صور سوداء مغمسة بالدم وموشحة بالقتل والدمار.

لكننا نقول: ان مسؤولية القيادات اليوم في إيران، وفي الدول العربية هي مسؤولية تاريخية، يجب أن تنفجر إيجاباً لوقف الحروب المدمرة، وإيجاد حلول تليق بحياة الناس وكرامتهم. واذا كانت هذه القيادات قادرة على دفع المليارات لشراء السلاح لتدمر الذات، فهي من البديهي يجب ان تكون قادرة على شراء طاولة يجتمع حولها الجميع، من أجل إجراء حوار إيجابي، قد ينقذ شعوب المنطقة من الكارثة.

ونحن اذا كنا قد رسمنا ببعض كلمات صوراً سوداء للوضع الإقليمي، الذي تعددت الحروب في حناياه حتى الآن، لا ننسى ايضاً أن الوضع العالمي، قد أصبح متأزماً للغاية في هذه المنطقة، التي يعتقد أنها ستكون نقطة البداية، لحرب عالمية ثالثة.

لذلك، ان الدخول الروسي المباشر في الحرب الدائرة في سوريا، ينذر ايضاً بتدخل اميركي - اوروبي مباشر في سوريا، او في أي مكان آخر. واذا كان هذا الصراع العالمي المتأزم جداً، قد مارسه الاميركيون هذه المرة بواسطة تركيا، بطريقة غير مباشرة، فمن يضمن أن لا يكون التدخل الاميركي - الاوروبي، تدخلاً عسكريا مباشراً في مرة آخرى؟ وفي هكذا حال، نحن ندرك تمام الادراك، أن لا أحد فوق وجه الارض، يستطيع حينذاك أن يكون وسيطاً بين القوتين العالميتين، لكن الله (عز وجل) وحده يستطيع فعل ذلك، اذا كان يريد الرحمة لأبناء هذه اليابسة.

من هنا، وبكل جدية، نعود ونكرر القول باصرار شديد، أن البطولة اليوم عند العرب والفرس، لا تتمثل في الحروب الدائرة بينهما في المنطقة، بل البطولة هي في انتشال المنطقة، من هذا الجحيم المؤكد بواسطة الحوار المباشر، وعقلنة الأمور التي كانت السبب، في تأجيج الصراعات الدامية بين الطرفين.

وفي هذا الاتجاه، لا يضيرنا أبداً أن نعتبر الحوار الدائر اليوم، بين تيار المستقبل وحزب الله في لبنان، انه عيّـنة جيدة من الإيجابيات المطلوبة، رغم أن هذا الحوار، يتعرض في اغلب الاحيان الى مطبات عديدة، لأن وضع الطرفين مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصراع السني - الشيعي، الدائر في المنطقة. لكن درهم من الإيجابيات، يساوي قنطار من السلبيات، سواء على صعيد لبنان، او على صعيد المنطقة بكاملها.

في النتيجة، اننا نكرر ما قلناه سابقاً في دعوة الفرس والعرب، الى حوار مباشر، من أجل تجنب الكارثة، لأن الصراعات الدموية بين السنّة والشيعة، مرشحة الى أمرين:

الأمر الاول، هو ان يحسم أحد الطرفين الحرب عسكرياً، بالضربة القاضية لينتهي الصراع.

اما الامر الثاني، هو أن تبقى الحروب دائرة بين الطرفين، في كل اتجاه وفي كل مكان. وهذا الأمر، قد يدوم ربما لسنوات، وقد لا ينتهي قبل دمار المنطقة، خاصة اذا كانت الدول الكبرى، مستعدة لسكب الزيت على النار، في كل حدب وجوار.

رئيس التحرير

كميل شلالا




              Pages