التحرير

الافتتاحية: هل التدخل العسكري الروسي في سوريا سينهي الحرب، أم سيكون بداية لحروب أخرى؟




الافتتاحية: هل التدخل العسكري الروسي في سوريا سينهي الحرب، أم سيكون بداية لحروب أخرى؟

يعتبر التدخل الروسي المباشر في سوريا تدخلاً مهماً للغاية، قد يخلط اوراق اللعبة واللاعبين في الداخل السوري، او ربما يقلب موازين اللعبة رأساً على عقب.

وهذا التدخل الذي تطرح حوله اسئلة كثيرة، لا بد من أن نعترف أولاً انه حسم الجدل حول دعم بقاء الأسد في السلطة بعد لغط رمادي قاتم حول سقوطه وسقوط النظام بأكمله.

وهذا التدخل المباشر، لا ندري حتى الآن اذا جاء للحد من دور المعارضة السورية ام محاربة نظام «الدولة الاسلامية»، ام ان له اهداف أخرى في المدى البعيد. ولأن كل التدخلات العسكرية جاءت الى سوريا نتيجة ضعف النظام الحاكم، فهل هذه التدخلات ستتناسق بطريق سلمية في ما بينها، أم أنها ستتصادم حول المكاسب وحب السيطرة في نهاية المطاف؟

في أي حال، من قال، على سبيل المثال، أن حزب الله الذي قدم الكثير من الضحايا في حرب الدفاع عن النظام، انه قد يرضى بالانحناء أمام السيطرة العسكرية الروسية بعد انتهاء الحرب؟

واذا كان البحث مضن الى هذا الحد في وضع تصور للتطورات التي قد تحدث بين الحلفاء؟ فلا ندري هنا، كم سيكون البحث صعباً في تحليل المواقف الدولية الظاهرة والمخفية التي أوصلت الى هذه النتائج؟

أولاً: نريد أن نسأل اذا كان التدخل العسكري الروسي المباشر قد جاء نتيجة صفقة دولية بين القوى الكبرى، أم انه جاء كضربة مفاجئة لم يتوقعها أحد تحت غطاء محاربة «داعش»؟

ثانياً: هل تراجع اللهجة الاميركية - الاوروبية حول بقاء الاسد في الحكم، يعني أن هناك صفقة قد تمت بين القوى العظمى قد تظهر نتائجها لاحقاً في أكثر من مكان؟

ثالثاً: هل هناك اعتقاد أن قوى التحالف الغربي قد قررت تخفيف دورها في الحرب السورية، تسهيلاً لإغراق قدمي روسيا في الوحل السوري أكثر فأكثر، الى مدى تصبح فيه المواجهة بين روسيا والتحالف الغربي مواجهة حتمية فوق الأجواء السورية؟ أما أن الهدف هو للحد من قوة المعارضة وانتشارها التي كادت ان تسيطر على الوضع لولا التدخل الروسي المباشر، وهي على الاقل، قد تسيطر في نهاية المطاف على قسم من سوريا، حيث يتم التقسيم في طبخة سياسية قد بدأ التلويح بطرحها في مطابخ الأمم المتحدة التي تتولى دائماً توزيع الحصص.

ولكن اذا كان الأمر عكس ذلك، فقد نعتقد ان المعارضة (المستمرة بالدعم الغربي والعربي) قدمت حتى الآن الكثير من التضحيات، لن تتراجع بسهولة في قتالها حتى من القتال ضد الروس، لأنها تعتقد أن لا محتل يستطيع البقاء في أرض غيره، وإن للزمان عبر كثيرة في هذا المجال، وقد تتجلى عظمة هذه العبر في افغانستان التي انتصرت على أعظم قوتين في العالم.

فالايام الآتية قد تكشف لنا أسرار المرحلة الجديدة في الحرب السورية، ومن خلال المرحلة التي نراها الآن... نعتقد أن الحرب في سوريا ستشهد تحولاً في الحرب الأهلية، وان الولايات المتحدة وروسيا لم تعودا على هامش هذا النزاع وإنما في قلبه. لذلك سنشهد لعبة شد حبال بعد فترة ليست بطويلة في مفاوضات تقودنا الى تسوية سياسية تضع حداً ونهاية للأزمة السورية.

نتمنى في هذه العجالة أن لا نكون مخطئين، لأن العكس اذا حصل، ستكون نتيجته حرباً مدمرة لدول عديدة، ربما قد بدأت ملامحه في الأجواء التركية.

في أي حال، أننا منذ فترة وجيزة قد بدأنا نتلمس التراجع في مواقف الدول الغربية عندما تحوّل اهتمامها الأكبر الى توزيع اللاجئين على الدول المعنية فقط. بعد أن صور لنا أن الدعم العسكري الغربي للمعارضة هو دعم حقيقي لن يتراجع حتى تحقيق الأهداف.

من هذا المنطلق، أننا لم نعد نرى أن ربح المعارضة في الغاء النظام، بل نراه الآن فقط من خلال عملية التقسيم التي قد تحفظ كرامات المعارضين مع تأمين بعض سبل العيش بحرية وسيادة.

رئيس التحرير




              Pages