التحرير

افتتاحية: الاتفاق النووي الإيراني يحجب الخطر ويرفع العقوبات




افتتاحية: الاتفاق النووي الإيراني يحجب الخطر ويرفع العقوبات

بعد خلاف حول الملف النووي الإيراني دام 12 عاماً بين إيران والقوى الكبرى، توصلت هذه القوى الى اتفاق تاريخي بعد 11 شهراً من المحادثات والمفاوضات الشاقة. ويهدف هذا الاتفاق الى ضمان عدم استخدام البرنامج النووي الإيراني لاغراض عسكرية لقاء رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصاد إيران.

وبعد انتهاء الجولة الأخيرة من المفاوضات في فيينا التي دامت 17 يوماً، بدت ردود الفعل العربية متفاوتة بين السلبية والإيجابية والمتحفظة، فيما نددت اسرائيل بهذا الاتفاق.

بالنسبة لهذا الاتفاق، نرى من وجهة نظرنا أنه مفيد جداً للدول العربية واسرائيل، من حيث عدم استخدامه لاغراض عسكرية، بل لأغراض سلمية.

من ناحية أخرى، نرى أن الخلاف العربي - الايراني يتمحور في الأساس حول التدخل الايراني المباشر، ومحاولات السيطرة على بعض الدول العربية كالبحرين والعراق ولبنان وسوريا واليمن.

هذه الخلافات التي أدت الى حروب دامية في هذه البلدان، هي بالنسبة لنا أهم بكثير من الاتفاق النووي الذي وجد في الاساس لمصلحة اسرائيل وليس من اجل مصلحة الدول العربية.

لذلك، إسرائيل التي تملك السلاح النووي، قد يهمها كثيراً أن تمتلك دولة أخرى مجاورة كإيران سلاحاً نووياً يهدد مصيرها في أي وقت. ومع ذلك، لقد نددت اسرائيل بالاتفاق الحاصل ربما خوفاً من عدم تطبيقه.

أما بالنسبة للدول العربية، فالأمر قد يختلف كثيراً، لأن إيران قد تستطيع حسم خلافاتها مع العرب في الدول التي ذكرناها سابقاً، اذا ما طورت استخدام النووي من اغراض سلمية الى اغراض عسكرية.

لكن الضرر العربي الناتج عن الاتفاق يكمن في رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران التي إن تمادت في قوتها الاقتصادية قد تصبح حينذاك قادرة أكثر للضغط على دول عربية أخرى الى أن يكتمل مشروع الهلال الشيعي المنشود.

في أي حال، نحن كعرب، لا يهمنا الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الكبرى، بقدر ما يهمنا الإنفلات الإيراني في المنطقة العربية للتدخل في شؤون بعض الدول.

وفي هذا السياق، يعتقد محللون ان المحادثات التي امتدت لمدى 11 شهراً بين إيران والدول الكبرى في فيينا، لم تكن في مجملها حول الموضوع النووي الإيراني، بل تخطته الى رسم الدور الإيراني الجديد في تقسيم المنطقة العربية، والذي يؤدي ال تسعير الخلاف المذهبي، الذي يريح اسرائيل ويطرح ايران بديلاً لها في العداوة مع العرب.

لكن لا ندري لماذا نددت اسرائيل بهذا الاتفاق؟

فهل تستيطع اسرائيل أن ترفض اتفاقاً يمنع ايران عن انتاج السلاح النووي الذي قد يهدد وجودها في يوم من الايام؟

أم ان اسرائيل لا تأمن المسار التطبيقي للاتفاق، وهي تخشى أن يتطور الانتاج النووي في ايران من الأمور السلمية الى الاهداف العسكرية.

أما نحن في لبنان، اذا تم انتخاب رئيس جمهورية للبلاد أثر هذا الاتفاق، فهذا قد يعني أن للاتفاق إيجابيات ربما تظهر في دول أخرى مشابه وضعها للوضع اللبناني، وهنا نتوقع أن مفاوضات مباشرة بين إيران والسعودية، قد يبدأ الاعداد لها، لكن هذا يتوقف على النوايا للدول الكبرى التي لا تزال تعوّل على أن يكون المذهبي مادة تريح الدولة اليهودية الى أمد بعيد.

ونحن كنا قد تعودنا منذ القدم أن نسأل فوراً عن مصلحة اسرائيل في أي عمل تقوم به الدول الكبرى؟

واليوم، وحسب التجارب الماضية، يجب ان نطرح ذات السؤال بالنسبة للاتفاق النووي الايراني، مؤكدين ان المصالح العربية قد لا تحظى بذات الاهتمام عند الدول الكبرى، بل أننا نخشى من ضرب هذه المصالح بويلات جديدة نعرف كيف تبدأ ولا ندرك كيف ستنتهي!.

                                                                             رئيس التحرير




              Pages