التحرير

الافتتاحية: هل المقايضات تحت الطاولة ستنجب «سايكس بيكو» جديد




الافتتاحية: هل المقايضات تحت الطاولة ستنجب «سايكس بيكو» جديد

أمام التطورات العسكرية والسياسية الجديدة في المنطقة العربية، نستطيع القول، أن المنطقة التي شهدت حروباً كثيرة، تتجه الآن نحو تسويات جديدة، قد تأتي بمثابة «سايكس بيكو» جديد لتقسيم المنطقة.

ويبدو جلياً، أن المقايضات الحاصلة الآن «تحت الطاولة» بين الروس والأميركيين، هدفها تقسيم المنطقة، وربما غير المنطقة ايضاً، قد تنتهي أخيراً، الى تظهير صورة شرق أوسط جديد، كانت قد تحدثت عنه كونداليزا رايس، كثيراً في السنوات الماضية.

ويأتي على رأس هذه الملامح الجديدة للمقايضات الحاصلة، الإنسحاب الروسي المفاجيء من سوريا، الذي تم عقب زيارة قام بها رئيس جهاز المخابرات الأميركية الى روسيا جون لينان. وهنا، قد لا يجهلن أحد، ان هدف هذا الإنسحاب بعد خوض حرب مدمرة، قد حصل لإفهام الرئيس السوري بشار الأسد، بأن عليه الرضوخ للدخول في المفاوضات الجديدة، مع المعارضين السوريين في جنيف، وأن دعم الروس العسكري له قد أنتهى، وفقاً للاتفاق الذي تم خلال زيارة لينان الى روسيا.

وفي هذا السياق، كانت قد وردت تحليلات وتصورات عديدة لأسباب الانسحاب: فبعض الأراء الملتزمة بالنظام السوري قالت أن المهمة أنجزت، وان الرئيسين الروسي والسوري، يحتفظان بكل المصداقية والوضوح الاستراتيجي. وبذلك سجل الاتفاق المشترك، محطة جديدة من الثقة المتبادلة بين القائدين، وعبّر عن وحدة الرؤية، نحو تسهيل الوصول الى حل سياسي.

من جهة آخرى هناك آراء تقول: لقد أتى القرار في السياق الطبيعي، لاتفاق بوتين واوباما، على رفع مستوى ضغط كل طرف على حلفائه، لإنجاح مفاوضات جنيف، وهناك من قال أن الرئيس بوتين، يريد تخفيف الأعباء العسكرية، ورفع العقوبات الاوروبية عنه، والإفادة الى أقصى حد من فترة السماح الاميركي.

وهناك من يقول ايضاً: لقد برزت في الفترة الأخيرة، مؤشرات لخلافات بين النظرة الروسية، بالنسبة لمجمل الأزمة والحل، ونظرة كل من نظام بشار الاسد والقيادة الإيرانية. بينما عزا آخرون القرار، الى أزمة الاقتصاد الروسي، والقلق من الخطط العسكرية الغربية.

لكن، وطالما أن الجبارين الأكبرين، يستطيعان التحكم باللعبة في المنطقة، نحن نرى ان سوريا، سيفرض عليها التقسيم الى دويلات طائفية متناحرة، حيث لن تعود بعد اليوم الى طبيعة البلد الواحد، الذي حُكم لمدى نصف قرن، من عائلة واحدة تنتمي الى أقلية معروفة نسبة وجودها، بين الشعب السوري.

وبعد تقسيم سوريا عند نهاية المفاوضات في جنيف، قد يأتي تقسيم لبنان، وهنا يخشى أن تندلع حرب مسلحة، بين الأطراف للوصول الى حصر كل طائفة في دويلة صغيرة، تتناقض مع الدويلة الأخرى.

لذلك، لا يخفى على المحللين العسكريين، أن عمليات التسليح للأطراف المختلفين، هي قائمة على قدم وساق، استعداداً للحرب. وهناك اعتقاد أن عدم تسليح الجيش اللبناني، يندرج في خانة أن هذا الجيش، هو الوحيد القادر على صيانة وحدة لبنان، لكن هذه الوحدة، لم تعد الآن متطابقة مع نوايا الذين يعملون، على تقسيم المنطقة بأكملها.

من هنا، نرى أن عدم انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، يأتي ايضاً ضمن اطار عملية المقايضات في المنطقة، بهدف تدمير النظام اللبناني من أساسه، واما الى مقايضة هذا الانتخاب بصفقة في بلد عربي آخر، يعادل ثمنها صفقة انتخاب الرئيس عند الإيرانيين.

لذلك، نستطيع القول للبنانيين: نتمنى عليكم، أن تكونوا واقعيين، حيث لا تنتظرون انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل انتظروا تطيير مجلس الوزراء في الخطوة المقبلة، وتطيير مجلس النواب في الخطوة الأخرى، لتسهيل تنفيذ المخطط التقسيمي الجديد في المنطقة، من خلال «دوزنة» جديدة، تتلاءم فيها مصالح روسيا والولايات المتحدة من فوق، كما تتلاءم مصالح العرب والإيرانيين من أسفل.

من جهة أخرى، نرى أن حصة بعض الدول الاوروبية من البترول العربي، ستكون في بعض دول المغرب العربي، التي تمتلك ثروات بترولية.

ومن تقديراتنا ايضاً، أن اليمن ستكون في النهاية من حصة المملكة، لأنها تلازم حدودها، لكننا لا نعلم حتى الآن، في اية دولة ستقدم المملكة، تنازلات بهدف إتمام المقايضة.

اننا حتى كتابة هذه السطور، نرى الصورة، كما أدرجناها في هذه العجالة، لكنها قابلة للتبدل في «الوقت الضائع»، قبل الانتخابات الاميركية، وربما هي قابلة للتبدل اكثر، اذا ما حصلت هذه الانتخابات، وفاز المرشح ترامب، الذي يجاهر بحقده الأعمى، على العرب والمسلمين.

                                                                   رئيس التحرير




              Pages