أول آب عيد الجيش اللبناني - الأضحى والجيش والمتنبي




الأضحى والجيش والمتنبي

31/7/2020

في السنة ٣٥٠ هجرية أي السنة ٩٦٢ ميلادية نَظَمَ أبو الطيب المتنبي قصيدة "العيد" في هِجاء حاكم مصر كافور الإخشيدي بعد خلاف معه، وتزامَنَ تنظيم هذه القصيدة مع ليلة عيد الأضحى وأول أبياتها:

عيدٌ بأيِّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ…بمَا مَضَى أمْ لأمْرٍ فيكَ تجْديدُ.

وفي هذا البيت يسأل المتنبي عن أيام العيد القادمة وهل هي شبيهة بالماضي، أم ستحمل معها أملاً جديداً في المستقبل؟

وفي السنة ١٤٤١ هجرية أي سنة ٢٠٢٠ ميلادية يتزامن عيد الأضحى مع عيد الجيش اللبناني، واللبنانيون بمن فيهم العسكريون يعيشون الحاضر المليء بالذل والفقر، يتذكرون الماضي ويتمنونه على عِلاّته، ويعانون من قلقٍ كبيرٍ على المستقبل.

يمر هذا العيد على المؤسسة العسكرية وهي تعيش التقشف الذي يطال مختلف النواحي الاساسية (طبابة، تغذية، تجهيز، تسليح...)، وتشكو من إنخفاض في القدرة الشرائية لرواتب العسكريين، يقابله تزايد في المهمات والمتطلبات، وتُناضل قيادتها للحفاظ على الحد الأدنى من الكرامة المادية في وجه طغمة سياسية لا تُقيم وزناً للتضحيات.

وفي بيت آخر من القصيدة يقول المتنبي:

ماذا لَقيتُ منَ الدّنْيَا وَأعْجَبُهُ...أني بمَا أنَا شاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ.

يتعجب الشاعر من أهل الدنيا الذين يحسدونه على ما هو شاكٍ منه، وهذه هي حال العسكري في الجيش اللبناني وعين حسد شريحة من اللبنانيين على راتبه في آخر كل شهر، ويغمضون العين الأخرى عن مهماته المحفوفة بالأخطار طوال الشهر، عن بعده عن عائلته لأكثر من شهر، عن تبخر الراتب العظيم بعد الثلث الاول من الشهر، يصرخون في وجهه "انت بتقبض معاشك منا" وكأنه متربع في منزله كل الشهر ولا يدفع ضرائبه وفواتيره للدولة وللناس في الأول من كل شهر.

وفي أحد أبيات هذه القصيدة يقول الشاعر:

إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ… َنِ القَرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ.

وفيه يشكو الكذابين الذين يعيش بينهم وهم لا يحسنون ضيافته ولا يتركونه يرحل عنهم، وهي صورة طبق الأصل عن معاناة العسكري مع شريحة من اللبنانيين (خاصة الحزبيين منهم)،

يُقاطعونه ويُكيلون له الإهانات عندما يقف في وجه مشاريعهم الحزبية الفئوية، ويتمسكون به عندما يحتاجون الحماية والأمن أو عندما تتوافق أهدافهم مع مهماته.

وفي آخر أبيات القصيدة يقول المتنبي:

جودُ الرّجالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ…منَ اللّسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ.

يتحدث الشاعر عن الوعود الكاذبة لبعض الناس، وهنا نصل الى معاناة العسكريين قيادةً وافراداً مع جزء من الطبقة السياسية، الذين يغمرونهم صبحاً ومساءً بالآمال الكاذبة والوعود المزيفة بتحسين أوضاعهم ورفع الغبن عنهم.

(العميد المتقاعد طوني مخايل)





 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
حقوق الطبع 2007 - تيميس.كوم الشرق الاوسط