رغم اختلاف المواقف والسياسات بين الدول، ورغم ارتفاع الضحايا في فلسطين وغزة بالتحديد من أطفال ونساء ورجال وهدم البنية التحتية، ورغم الفيتو "الأمريكي" المؤيد للقصف والعدوان، وآخر اعتراض "روسي وصيني" وظهور مجلس الأمن الدولي بلا أي فاعلية، ظلت سلطنة عمان على مواقفها الثابتة والواقعية.
سياسة عمانية بُنيت على جملة من الثوابت التي لا تحيد عنها في مواقفها من الأزمات والصراعات العربية او الدولية، وبمعزل عن الأطراف المعنية بها، خليجية كانت أو عربية او دولية، معتمدة على قول الحق والنأي عن الصراعات والتحالفات السياسة والطائفية والعرقية.
فالدبلوماسية العمانية المتزنة والهادئة، ظلت على مبادئها، وصرحت علنا أن مايجري في غزة حرب إبادة وانتهاك صارخ للقانون الدولي، وأن حماس ليست منظمة ارهابية، ودعت المجتمع الدولي إلى إجراء تحقيق مستقل حول العدوان الإسرائيلي ومحاكمته على استهدافه المتعمّد للمدنيين في قطاع غزة.
فمشكلاتنا ياعرب لا تحل من الآخرين، بل بالجلوس والتحرك جماعة كفريق واحد، كعرب ومسلمين، وهذه ما أكدت عليه سلطنة عمان بأنها ملتزمة بالحلول السياسية المستندة إلى الحوار وسيادة القانون الدولي وضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف الحرب على غزة وردع إسرائيل.
مواقف لا تحيد عنها أبدا سلطنة عمان في سياستها الخارجية، ولا داعي لذكرها، لذا تدرك سلطنة عمان أن الحرب في غزة تتطلب التحرك لوقفها، ومن هنا قام معالي السيد وزير الخارجية باتصالات وجهود لتهدئة الأمور من خلال الرحلات المكوكية وغيرها ليعم الأمن والسلام المنطقة، وأن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة من خلال مخاطبة الضمير الإنساني في كل مكان.
ومن هنا على المجتمع الدولي التدخل لوقف هذه الحرب على غزة وردع إسرائيل عن انتهاكها القانون الدولي وعلى إسرائيل وحلفائها أن يواجهوا الواقع الذي لا يمكن أن يتغير دون الانخراط في حوار مع جميع الأطراف بما فيها حركة حماس، ولا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي فلسطيني إسرائيلي دون أن يشمل الحوار جميع الأطراف الأساسية.
لن تسمح السياسة العمانية بالكيل بمكيالين، ولن تسمح باستمرار العدوان دون تحرك لوقفه، ولن تسكت وستطالب بتطبيق الشرعية الدولية، فالمواقف العمانية راسخة وموثقة، والقضية الفلسطينية ستبقى قضيتنا الأولى إلى أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
ويوما بعد يوم تثبت الدبلوماسية العمانية نجاحاتها في مختلف القضايا والأصعدة والأزمات وعلى جميع الصعد، بالأفعال قبل الأقوال، فبالأمس أعلنت وقف كل الاحتفالات الوطنية والفعاليات المصاحبة للعيد الوطني 53 وغيرها، ماعدا العرض العسكري.
ومع ذلك فالمؤسف جدا أن نرى مشاهد في هذه الحرب والإبادة والبعض يتفرج، والبعض يصرخ على ما يراه، والبعض قطع العلاقات وسحب السفراء والبعض دعم القضية والموقف الفلسطيني، والبعض اعلنها صراحة كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا ودول أوروبية اخرى دعمها لإسرائيل في هذا العدوان الغاشم منذ بدء الاجتياح الإسرائيلي في ساعاته الأولى وإلى اليوم، ويدعون انهم دول القانون والحرية وحقوق الإنسان، لينكشف وجهها الحقيقي، والشعوب العربية تنتظر التحرك العربي الاسلامي الجماعي.
التنديد والاستنكار لا يجدي نفعا مع الكيان الصهيوني، فعلينا ضرورة التنسيق العربي للحديث بصوت واحد مع المجتمع الدولي، وومتنين لموقف بلادي وتحركاتها الداعم والمساند للقضية الفلسطينية، لان الشعب الفلسطيني هو الذي يقرر مصيره بنفسه وليس دول وقادة اخرين، والتاريخ سيذكر من هم الطغاة والقتلة، فعلينا كعرب وقادة عرب ومسلمين استخدام الادوات الناعمة اقل شيء في هذه الحرب كما استخدمتها روسيا مع اوروبا، ونشيد بالمواقف الخليجية المميزة .. والله من وراء القصد.