أوراق الخريف - العنزي .. السفير الإنسان..!





أوراق الخريف
العنزي .. السفير الإنسان..!  
الكتابة عن شخصية مؤثرة وناجحة ومتميزة ليست بالعملية السهلة، وتزداد صعوبة المهمة إذا كانت هذه الشخصية  محبوبة اجتماعيا، كثيرة الحراك والانجازات، ولها بصمات واضحة دبلوماسيا واجتماعيا.
أيامه كانت معدودة، ولكن إنجازاته وعطاءاته وحراكه تجاوزت الحدود والسنين، كيف لا، وكل محافظة عمانية ترك فيها الأثر الطيب، وأياديه عانقت الطفل والمسن، وعلاقاته تتعدى الدبلوماسية المعروفة ليكون قريب القلب من الجميع، في أفراحهم وأحزانهم ، فالذين عرفوه عن كثب يجمعون على شخصية مختلفة في الزمن الصعب، فقد أحبه الجميع لحسن تعامله وأخلاقه وصفاته وثقافته، فحقا كان سفيرا بمعنى الكلمة لخادم الحرمين الشريفين، فكان اختياره نعم الاختيار، إنه الأخ الصديق الصدوق عبدالله بن سعود العنزي.
كفاءة دبلوماسية وسياسية، ورجل اجتماعي وثقافي، وقارئ مطلع على التاريخ القديم والحديث ، يحب التعامل مع الجميع دون تمييز، وله نظرة للأحداث في المنطقة والعالم، وخلال الفترة التي لم تتجاوز حوالي 22 شهرا منذ تقديم أوراق اعتماده سفيرا للشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لدى سلطنة عمان في الخامس من يوليو 2021، حقق الكثير من النجاحات وأسس قاعدة قوية من العلاقات بين البلدين الشقيقين، فكان رجلا معطاء وإنسانا رائعا لبلده، وللبلد الذي اختير أن يكون سفيرا لوطنه به.
عمل السفير العنزي ليل نهار لتقريب وجهات النظر، وتطويرالعلاقات، ورفع مستوى الشراكة العمانية السعودية لتفوق الوصف الاعلامي والتشبيه، فكانت مسقط والرياض أنوارا تتلألأ، وذات ثقل سياسي وتاريخي، وليكون العمل على قدر ما تتطلبه المرحلة، فجاءت النتائج مبهرة في فترة زمنية لم تتعد 800 يوم للسفير المثابر الهمام.
سفيرا بمعنى الكلمة، كما عرفته عن قرب، كل همه أن يعم الخير والرخاء والاستقرار دول المنطقة، وأن تحقق سلطنة عمان رؤيتها الهادفة والتنموية، وأن يكون منفذ الربع الخالي بوابة خير وسلام وانفتاح، وجلب الاستثمارات وتحقيق السعادة والنماء للشعبين الشقيقين.
العلاقة التي تربطنا بهذا الرجل الكريم الأخ والسفير والصديق ابو سعود لا توصف، ولا يمكن وصفها في أسطر، فهو رجل دولة وحكمة في المقام الأول، ودبلوماسي اجتماعي يخجلك بأسلوبه الراقي وتواضعه الجم ، فهنئيا لنا في هذا البلد بهذا  الدبلوماسي رفيع القدر.
لقد قدمت المملكة العربية السعودية ثلة من الشخصيات المرموقة من العلماء والسياسيين والأكاديميين والإعلاميين والمثقفين وغيرهم الكثير الكثير، منهم في نظري هذا السفير الذي جمع بين الدبلوماسية والاتيكيت الاجتماعي والثقافي وأسهم في خلق أجواء مستدامة وحراك لا ينقطع بين بلاده وسلطنة عمان.
لا يمكن تجاهل السفراء الآخرين، لكن ماذا عساي أن أكتب عن رجل زرع بذور  الطيبة والعطاء ليحصد ثمار عمله على كافة الأصعدة، كنت أناديه بالاستاذ من باب الاحترام والتوقير، لكن من عاشره عن قرب وجد فيه أكثر من ذلك؛ فأبو سعود شخصية، اختط لنفسه مسارا مختلفا، يجمع ما بين السفير وصدق التعامل مع الآخرين والابتعاد عن التباهي الاجتماعي والدبلوماسي.
كان السفير أبو سعود، منذ أن التقيت به أول مرة أخا عزيزا، وتكررت لقاءاتنا وزياراتنا وجولاتنا في ربوع عمان، فرحلة العطاء مستمرة، والتاريخ يكتبه الرجال العظماء، وبهذا سجل السفير العنزي اسمه في تاريخ العمل الدبلوماسي كأول سفير سعودي يدخل كل بيت عماني والذين مثلوا بلدهم لدى بلاط جلالة السلطان المعظم أفضل تمثيل.
ورغم جائحة وباء كورونا، والأزمة الخليجية والأوضاع العربية المتقلبة، الا أن سعادة السفير العنزي اجتهد وعمل بتفانٍ ونجح في خلق علاقات عمانية سعودية قوية وأدى واجبه على أكمل وجه، بمساعدة طاقم السفارة، وقد ساعده في الاضطلاع بمهامه الدبلوماسية بنجاح إلمامه بالميراث الثري لسلطنة عمان مكانتها وثقافتها وتاريخها.
لم يكن نجاح السفير خلال هذه الفترة الزمنية وليد الصدفة أو الحظ، بل كانت وراءه عوامل عدة، وسيظل الرجل ناجحا وشعلة متوهجة ما دام يؤمن بأن العلاقات لا تبنى بالمجاملات او التنازلات او تجاهل الآخرين او التدخل في شؤونهم الداخلية.
ويطول بنا المقام لو عكفنا على تعداد إسهاماته في مختلف المجالات. فالسفير الواعي المتفائل بالمستقبل ، قد جمع العديد من الصفات ما بين خِدمة وطنه، والوطن الذي يباشر فيه عمله، ويتمتع الرجل بخِصال ينفرد بها عن غيره  في فن الدبلوماسية، إلى جانب اجنهاده ونشاطه في كافة أرجاء سلطنة عمان وطنه الثاني، مشاركا في كافة الأنشطة والفعاليات الرسمية والأجتماعية، هذا العمل ميزه ليكون قريبا إلى قلب كل من تشرف بمعرفته والتعامل معه.
غمرنا ابو سعود بدماثة أخلاقة، وأفعاله التي نتمنى أن يستفيد منها الآخرون، غمرنا بكرمه وحديثه ومحبته لسلطنة عمان حكومة وشعبا، من هنا كان لا بد أن نكتب شهادة حق للتاريخ والأجيال القادمة عن شخصية هذا السفير الإنسان، الذي فرض احترامه وتقديره على الجميع، إلى جانب إتقان عمله وإبداعه في تمثيل دولته أحسن تمثيل، فنِعمَ السفير أنت أيها الأخ والصديق والمثل الأعلى في الدبلوماسية الحقيقية.. والله من وراء القصد.
 
د. أحمد بن سالم باتميرا
كاتب عماني