قراءة في تقرير “مراسلون بلا حدود”.. هل تعاني سلطنة عمان من التضييق على حرية الصحافة؟





قراءة في تقرير “مراسلون بلا حدود”.. هل تعاني سلطنة عمان من التضييق على حرية الصحافة؟

في الوقت الذي نالت فيه سلطنة عمان استضافة اجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد الدولي للصحفيين “الكونغرس” في الدورة الحادية والثلاثين، أصدرت مؤسسة “مراسلون بلا حدود” تقريرها لعام 2022 بخصوص حرية الصحافة، والذي وضعت فيه سلطنة عمان في المرتبة 163 من أصل 180 دولة شملها التقرير.

جاء تحليل وضع الصحافة في سلطنة عُمان متحاملا بشكل كبير، في ظل ما تشهده السلطنة من سياسات إعلامية جديدة، وقد قسم تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود” التحليل الذي ينبني عليه ترتيب سلطنة عُمان إلى عدة محاور مثل: “المشهد الإعلامي، السياق السياسي، الإطار القانوني، السياق الاقتصادي، السياق الاجتماعي والثقافي، السياق الأمني”.

المشهد الإعلامي

بخصوص المشهد الإعلامي، فإننا نرى أنه في السنوات الأخيرة باتت الصحافة المستقلة منبرا رئيسيا لتسليط الضوء على قضايا المواطنين وتبني مطالباتهم، وأصبح لها وزنا ومصداقية لدى الجمهور.

لا يقتصر الأمر على ذلك، فقد منحت وزارة الإعلام في الشهور الأخيرة التراخيص الرسمية لبعض المؤسسات الصحفية الإلكترونية والحسابات الإخبارية، وأعطت العاملين فيها البطاقة الإعلامية المعتمدة، ومنحتها فرصة تغطية الفعاليات المحلية والدولية، من خلال توجيه دعوات التغطية الصحفية لها.

وبعكس ما جاء في التقرير عن استهداف المؤسسات الصحفية المستقلة، نرى أن هناك الكثير من المواد الصحفية التي تنشر بشكل شبه يومي، تتضمن نقدا لبعض القرارات التي قد تصدرها الحكومة، أو مقالات رأي تعارض توجها معينا، دون أي مصادرة على الآراء.

السياق السياسي

أما عن السياق السياسي فإن التوجهات العامة للدولة تدعم حرية الصحافة، وإذا كانت السلطنة تعاني من التضييق الصحفي، فكيف لها الحصول على الموافقة بالإجماع لاستضافة حدث عالمي مثل اجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد الدولي للصحفيين “الكونجرس”، والذي يشارك فيه 300 مشارك من 178 من ممثلي الاتحادات والجمعيات والنقابات والهيئات الصحفية يمثلون 148 دولة حول العالم ينتمون إليها 600 ألف صحفي حول العالم.

أما الحديث عن المبالغة في نشر الإيجابيات والتغاضي عن السلبيات، والاقتصار على المعلومات الواردة من المؤسسات الرسمية، فإن المراقب للأمر يرى تحولا نسبيا وتحسنا في هذا الملف، حيث أن بعض المؤسسات الصحفية تمتلك على سبيل المثال منابر إذاعية، بالإضافة إلى الإذاعات الخاصة، والتي تستضيف في برامجها الحوارية المسؤولين والمحللين وأصحاب الرأي والخبراء، للحديث عن القرارات والتوجهات والتعليق على الأحداث.

هذه اللقاءات -على سبيل المثال لا الحصر- تعد مصدرا من مصادر الأخبار التي يمكن نشرها على لسان المسؤول أو المحلل، بعيدا عن بيانات المؤسسات الرسمية، وقد يكون هذا الأمر ليس بالنسبة الكبيرة التي يرغب فيها المجتمع الصحفي، لكن هناك تحسنا ملحوظا وسيرا نحو الأفضل.

الإطار القانوني

كفل الدستور والقانون حرية التعبير عن الرأي، ونصت المادة 35 على أن: “حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون”.

ووفق هذه المادة، فإن المؤسسات الصحفية لها الحق في النشر والتعبير عن الرأي بمختلف المجالات، بشرط ألا يتعارض مع ما أقره قانون المطبوعات والنشر، حيث أن المادة رقم 37 التي تنص على أن: “حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقا للشروط التي يبينها القانون، ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة والكراهية أو يمس بأمن الدولة أو يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه”.

كما نصت المادة 48 من النظام الأساسي للدولة على أن: “السلطان رئيس الدولة، والممثل الأسمى لها، والقائد الأعلى، ذاته مصونة لا تمس، واحترامه واجب، وأمره مطاع، وهو رمز الوحدة الوطنية، والساهر على رعايتها وحمايتها”.

كما أن هناك أمورا أخرى نظمها القانون وحظر النشر فيها ومن بينها على سبيل المثال ما يتعلق بـ:”الترويج لما يتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي، أو نشر ما يضر بسلامة الدولة وبأجهزتها العسكرية والأمنية أو التحري على ارتكاب جرائم أو نشر تحقيقات متعلقة بالأحوال الشخصية، أو نشر معلومات عن أمر صدر فيه قرار بعدم النشر”.

المدقق في هذه الضوابط، سيجدها مشابهة للكثير من القوانين في مختلف الدول، والتي تعمل على تنظيم عمليات النشر للحفاظ على الدولة ورموزها.

السياق الاجتماعي والثقافي

بعكس الاتهامات التي ساقها تقرير “مراسلون بلا حدود” أن هناك مشكلة في حرية الصحفيين في الخروج عن المألوف أو انتقاد الموروثات الثقافية والاجتماعية، فإن القريب من مواطني سلطنة عمان يلتمس حرصهم الشديد على الحفاظ على موروثاتهم وعاداتهم وتقاليدهم.

ومن أهم ما يحرص عليه المواطنون في السلطنة هي مبادئ الاحترام العامة للأفراد واحترام الخصوصيات، وعدم الرضى عن أي شذوذ بالرأي لهدم الثوابت الأخلاقية، وهذه أمور تحسب للسلطنة لا عليها.

لكن فيما يخص المناقشات الاجتماعية والثقافية العامة، فهناك الكثير من المناقشات التي تحدث، سواء في المجالس العامة أو من خلال المساحات عبر منصة تويتر، وليس هناك قيود على هذه الأمور.

المحور الأمني

ذكر التقرير أنه غالبا ما يُعتقل الصحفيون في سلطنة عمان، وهو أمر مخالف للحقيقة،  كما أنه لم يتم ذكر أي نماذج لحالات تم اعتقالها ولم يذكر أيضا نماذج للاعتقال السري أو إصدار أحكام قاسية بالسجن خاصة كما ادّعى.