شبكة التهريب تتبع هيكلة تنظيمية معقدة...





كارتيل المهربين: تعرفوا على أخطر طبقة في لبنان

26 تموز 2021

علاء الخوري

عند كل أزمة تجد فئة محددة تنتظر الفرصة للانقضاض عليها، لتحويل مسار حياتها رأساً على عقب وتجميع ما تيسّر من الاموال في مرحلة الفوضى وتقلبات سعر صرف الدولار وغياب رقابة الدولة.

في زمن الحرب ظهر العديد من هؤلاء ضمن فئة "التشبيح والتهريب"، بعضهم اليوم مسؤول في الدولة أو لديه من الاموال ما لا تحرقه النيران، وبعضهم هاجر ليراكم هناك ثروته التي حصل عليها في تقاطع فرص الفوضى والحرب. واليوم يُعاد السيناريو مع أشخاص كانوا قبل الازمة مجرد تجار صغار أو عاطلين عن العمل يبحثون عن "مهنة حرة"، الى أن جاء من يرشدهم الى حبل النجاة الذي ينتشلهم من عالم الفقر الى جنان المال والاعمال.

هو كارتيل التهريب الذي تمكن، في غضون سنة، من سحب المليارات من الدولة اللبنانية تحت غطاء دعم السلع والحاجات الاساسية للناس بهدف سرقته وتحويله الى بضائع قابلة للتهريب نحو الخارج، وهذه الشبكات على علاقة وطيدة بسياسيين من احزاب وكتل، وتجمعها معهم حلقات التهريب الضيقة نحو سورية وبلدان الجوار.

استفاد هؤلاء من قانون قيصر وتداعياته على سورية، ليستغلوا الطرفين على الحدود، فهُم يعملون على تخزين كل ما تيسّر من مواد لمختلف القطاعات الصناعية والزراعية والغذائية والصحية ويقومون ببيعها الى التجار السوريين ورجال الاعمال الذين يحتاجون الى السوق اللبناني، في ظل منع استيراد هذه المواد من قبل النظام في سورية الواقع تحت الحصار.

هذه الشبكة، التي تتبع هيكلة تنظيمية معقدة تبدأ من رأس الهرم الى الموظف الصغير الذي يشحن البضائع، هي على تواصل دائم مع بعض الاشخاص الذين يتولون مهمة ادارة المعابر غير الشرعية في البقاع وعكار، وأيضاً مع موظفين رسميين لإخراج البضائع عبر المعابر الشرعية، وثمة الكثير من الاسماء التي ظهرت في مواقع اجتماعية مختلفة وتمكنت من عقد صفقات بآلاف الدولارات وتحولت الى شخصيات مؤثرة في مجتمعاتها مدعومة من بعض احزاب السلطة.

هذا الكارتيل، الذي ينظر اليه التفتيش كملف دسم بالفساد، من الصعب أن يطاله أحد لأنه محمي وقد بنى منظومته بطريقة معقدة، فاذا تدحرج حجر فرط عقد المنظومة بأكملها. لا تفيد تسمية شخص واهمال الآخر طالما أن الجهات المعنية بالتسمية أو الكشف عن تلك المنظومة تعلم خطورة ما تم تهريبه الى سورية ومنها الى بلدان أخرى، وحتى المعابر الشرعية في لبنان كانت ملاذاً آمناً لهؤلاء لتهريب ما أمكن من البضائع، من محروقات الى دواء وسلع غذائية حتى علف الابقار والدجاج والسماد الزراعي المدعوم تم تهريبه الى الخارج، وبعلم مسبق من مشاركين مع الكارتيل الذي نشأ حديثاً.

صحيح أن حكومة الرئيس حسان دياب ساهمت بتمدّد هذا الكارتيل، إلا أن تغريدات بعض المحسوبين على محور الثنائي "حزب الله - حركة أمل" من نواب وناشطين سياسيين يؤكد أن هناك تقاطعاً كبيراً وتداخلاً بين القوى مع المنظومة التي وضعت رجال اعمال يقومون بتحريك أدواتهم للالتفاف على قرارات الدعم التي تفرضها حكومة دياب والعمل على شفط ما تيسّر من الدولارات لصالحها.

هذا الكارتيل مستمر، إن كلف الرئيس ميقاتي أو اعتذر في مرحلة التأليف، طالما أن القوى الحزبية والسياسية المتحكمة بمفاصل السلطة موجودة، وجلَّ ما قد يتغير هو بعض الذين "حُرِقَت أوراقهم" ليُستبَدلوا بوجوه جديدة.