كان أميراً في مملكة أهله. هكذا كانت والدته وداد تنادي ابنها الوحيد، مايكل. اليوم، الأمير مايكل كاهن في مملكة ملك الملوك، يسوع المسيح.

المطران طربيه: الكاهن ممثل المسيح ونِعَمُ السماء تهبط على يديه والرب هو من يختار وليس العكس




المطران طربيه: الكاهن ممثل المسيح ونِعَمُ السماء تهبط على يديه والرب هو من يختار وليس العكس

كتب غسان نخول

كان أميراً في مملكة أهله. هكذا كانت والدته وداد تنادي ابنها الوحيد، مايكل. اليوم، الأمير مايكل كاهن في مملكة ملك الملوك، يسوع المسيح.

رئيس أساقفة أبرشية أستراليا ونيوزيلندا وأوقيانيا المارونية، المطران أنطوان-شربل طربيه، سام الشماس مايكل بو ضاهر كاهناً بوضع اليد، في قداس احتفالي رئِسَه في كنيسة سيدة لبنان في ملبورن، يعاونه لفيف من الكهنة.

البعد الملوكي في سيامة الكاهن مايكل كان حاضراً في عظة المطران طربيه الذي لفت إلى أن أمير والديه وداد وجاك، لبى دعوة الرب يسوع ليكون أميراً في مملكته. أما مهمته فهي دعوة الناس إلى التوبة والإيمان بالحياة الأبدية.

وشدّد المطران طربيه على ضرورة أن يعكس الكاهن في حياته الفضائل التي عاشها المسيح على الأرض، لكي يستطيع أن يخلّص النفوس، لأن "كل نفس ثمينة للغاية عند الله، وكل كاهن هو تذكير بأن الرب أنشأ الكهنوت لخلاص النفوس". وأضاف أن على الكاهن أن يكون مستعداً للموت من أجل رعيته، في كل عمل من حياته اليومية، وأن يكون حاضراً حيث تدعو الحاجة، من دون أن يأبه لراحته الشخصية، بحيث يعمل على تفقّد المرضى، وإطعام الجائعين، وتعزية الحزانى، والاحتفال بالأسرار، من العماد إلى الإفخارستيا والاعتراف، وإرشاد من يميّز دعوة الرب في حياته.

الحفل كان تاريخياً، فالسيامة الكهنوتية هي الأولى من نوعها في كنيسة سيدة لبنان في ملبورن. وقد أشار المطران طربيه إلى هذه الميزة، متوقفاً عند معانيها، وناسباً إياها إلى إرادة الرب، لأنه هو من يختار كهنته، وليس العكس، مذكّراً بقول يسوع لتلاميذه، "ما اخترتموني أنتم، بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتثمروا ويدوم ثمركم، فيعطيكم الآب كل ما تطلبونه باسمي" (يو 16:15(.

ومن هذه الآية بالذات استوحى الكاهن مايكل شعاره الكهنوتي، "لست أنت من اختارني، بل أنا من اختارك". عن هذه الميزة في الدعوة يقول الكاهن مايكل، "عندما سمعت هذه الكلمات، مد الرب يده ولمس قلبي، تاركاً فيه علامة لا تُمحى".

يحمل الكاهن الشاب مايكل بو ضاهر إجازة جامعية في الحقوق. كان حلمه أن يصبح محامياً لامعاً، لكن الدعوة غيّرت مجرى حياته. وبدلاً من قوس المحكمة، التحق بالإكليركية في العام 2015 وحصل على إجازة في اللاهوت.

المطران طربيه تساءل كيف يمكن فهم أن الرب هو من اختار مايكل وليس العكس، على رغم أن مستقبلاً مهنياً باهراً كان في انتظاره لو خاض معترك المحاماة. ولفت المطران طربيه إلى أن أحد مفاتيح المثابرة في الدعوة هو الطاعة، مشدداً على أن هذه الفضيلة لا تعني العبودية بل أن يصغي الإنسان إلى ما يقال له. وتساءل، "إلى ماذا نصغي؟ أإلى صوت العالم؟ إم إلى رجال ونساء يدعوننا لنعيش حياة سهلة؟ أم إلى الإعلانات؟ أم إلى دعوة الراعي الصالح لنا؟ وعندما نسمع صوته، هل نقول له "نعم" ثابتة، أم أننا نجر أقدامنا، ثم ننسى في النهاية أننا سمعنا صوته؟"

بصفته من مواليد العام 1990، يُعتبر مايكل من جيل الشباب الإلكتروني، جيل الـ "نينتاندو"، "بلاستايشن"، "أكس بوكس" وسواها. لكنه لم يشعر يوماً بالانتماء إلى هذا الجيل. ففيما كان أصحابه يتبارزون في ألعاب عبر الإنترنت مثل "كول أوف ديوتي"، "هايلو"، "فورتنايت" وسواها، كان مايكل منشغلاً في طفولته وصباه بإقامة قداس في المنزل ومناولة أمه وأبيه وشقيقته إيفلين التي تكبره سناً. أما اليوم فقد صار قداسه حقيقة إلهية.

ويتذكر الخوري مايكل تلك المرحلة ويقول، "كانت تلك بذرة مبكرة عادت إلى الحياة عندما سمعتُ صوت الرب يدعوني مباشرة لأكون كاهناً قبل عشر سنوات". دعوة المسيح له كان لخوض "مغامرة" مع الرب، كما يصفها الخوري مايكل،، مضيفاً أن كل ما طلبه منه الرب هو أن يقول "نعم" للدعوة، وأن يسلّم ذاته كلياً له.

ويلخّص "أبونا" مايكل رسالة الكاهن في عالم اليوم، قائلاً إن المطلوب من الكاهن أن يحمل نور الرجاء في الكنيسة والعالم معاً، مشدداً على أن "الكاهن مدعو اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن يكون خادماً لهذا الرجاء".

ولعلّ الرجاء هو حقاً ما تحتاجه البشرية والكنيسة اليوم. فالسيامة الجديدة تأتي وسط تحديات كبيرة يواجهها العالم جراء تداعيات جائحة كورونا. وقد زادت هذه التداعيات من تحديات الكنيسة بشكل عام، والكنيسة المارونية في أستراليا بشكل خاص، بعدما أعلن قداسة البابا فرنسيس في آذار الماضي توسيع نطاقها الجغرافي ليغطي قارة أوقيانيا بأكملها، فيما العالم يشهد إقفالاً تلو الآخر بسبب الجائحة. وقد باتت الأبرشية تضم إلى أستراليا، كلاً من نيوزيلندا وعشرات الدول والجزر الأخرى مثل بابوا نيو غيني، فيدجي، جزر سليمان، فانواتو، ساموا، كيريباتي، تونغا، جزر المارشال، بالاو، توفالو، نورو، مالينزيا، ماكرونيزيا، وبولينيزيا. ويقطن هذه البلدان والجزر أكثر من 40 ميلون نسمة، أي ما يقارب عشرة أضعاف سكان لبنان.

وفيما شهد العامان الأخيران فترات طويلة من الإقفال العام بسبب الجائحة، فإن الحاجة ستعود قريباً إلى مزيد من العمال على الأرض في كرم الرب، ما أن تنتهي الجائحة، ما يجعل من سيامة الكاهن مايكل خطوة في مكانها. وتزخر الكنيسة المارونية في أستراليا حالياً بدعوات كهنوتية واعدة.

وسبق أن احتاط المطران طربيه لهذه التحديات في مسيرة الكنيسة، مجدداً تركيزه على ناحيتين أساسيتين من خطته السباعية الثانية لأسقفيته، وهما الدعوات الكهنوتية والرسالة المارونية. فبالنسبة إليه، الدعوات ركن أساسي في مسيرة الكنيسة الخلاصية، لأن الكاهن جسر بين الإنسان والله، "من خلاله تهبط نِعَمٌ أزلية على الأرض، فهو يمثل المسيح عندما يقف على المذبح".









 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
حقوق الطبع 2007 - تيميس.كوم الشرق الاوسط