التحرير

افتتاحية: حلّت الذكرى الأولى... ولبنان يفتش عن الحقيقة!




حلّت الذكرى الأولى... ولبنان يفتش عن الحقيقة!

يعيش اللبنانيون حالة من الفوضى الكبيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، وسط تجدد تفشي وباء كورونا وإنهيار العملة الوطنية وارتفاع جنوني للسلع الغذائية والدواء والخدمات التي لم يعد في استطاعة الموظف والعامل العادي تأمينها .

ويعيش المسؤولون في السلطة حالة إنكار رهيبة للواقع المتردي، فيما لا يزال السواد الاعظم من اللبنانيين يدين بالولاء للزعماء الذين يستغلونهم للبقاء في السلطة وافشال اي اتجاه لحراك شعبي وطني يغيّر الواقع .

المؤسف ان اللبنانيين لم يتعلموا شيئاً من دروس الماضي، لا من خلال سنوات الحرب الطويلة ولا من السنوات التي تلتها وصولاً الى يومنا هذا. والمؤسف أيضاً ان اللبنانيين يعيشون في وهم كبير يظنون من خلاله ان العالم لن يتخلى عن لبنان لانه في رأيهم حاجة للشرق والغرب .

انها الطامة الكبرى ان يفكر اللبنانيون انهم شعب مميز عن باقي شعوب الارض، لا تهزه المصائب ولا ترعبه التحولات الخارجية وخصوصا على مستوى الاقليم حيث ان الخرائط الجويوسياسية تتبدل، ولا يبدو اننا محط اهتمام او محط مشروع إنقاذ، بل اننا اصحبنا كوطن ساحة للضغط من اجل تحقيق مصالح الآخرين، الطامعين في لبنان .

اصاب الراحل غسان تويني حينما قال» انها حروب الاخرين في لبنان»، وهذا الحروب  المتوقفة بالسلاح ما تزال مستمرة في السياسة وفِي كل اوجه الحياة اللبنانية.

ومع حلول الذكرى الاولى لأنفجار المرفأ في الرابع من آب، لا يبدو ان احداً قد خجل من نفسه بعد مرور عام من دون اي نتائج في التحقيق، اما في مسألة رفع الحصانات فقد اعلن رئيس الجمهورية ميشال عون استعداده المطلق للإدلاء بإفادته في انفجار المرفأ في حال رغب المحقق العدلي بالاستماع إليه، ويفترض بعد هذا الاعلانان لا تبقى حصانة فوق رأس احد في مسألة الانفجار الذي دمّر بيروت .

وفِي جديد  المعلومات حول الانفجار ما جاء في  تقرير مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي (إف.بي.آي) حول انفجار المرفأ والذي نشرت بعضا منه وكالة «رويترز».ويقول التقرير إن كمية نترات الأمونيوم التي انفجرت لم تكن أكثر 20 بالمئة فقط من حجم الشحنة الأصلية والبالغة 2754 طنا، ومعبأة بمعدل طن واحد في كل حقيبة او»شوال» كما يقال بالعامية، فتصوروا لو كانت الكمية كلها في المرفأ ماذا كان قد حل ببيروت واهلها.

وتأتي الذكرى الاولى للإنفجار شبه النووي ولبنان من دون حكومة اصيلة منذ اكثر من 9 اشهر وكان يجب ان تتشكل في ٩ ايام لكي تتصدى لهذا الكم الهائل من الازمات المصيرية .

ويأتي نجيب ميقاتي ليشكل حكومة عجز سعد الحريري عن تشكيلها، لكن فترة العسل التي رافقت التسمية بدأت تنحسر لتحل محلها معلومات مسربة واخرى ظاهرة عن العقد التي تواجه ولادة الحكومة المنشودة .

اما الفساد الذي هو سبب كل علة في لبنان، والذي لم تنفع معه اية معالجات داخلية، فربما يتصدى له الخارج، حيث اعلن الاتحاد الأوروبي انه أقر إطارا قانونيا لنظام عقوبات يستهدف أفرادا وكيانات لبنانية. على ان يوفر هذا الإطار احتمال فرض عقوبات على المسؤولين عن تقويض الديمقراطية وحكم القانون في لبنان.

وحتى كتابة هذه السطور لا حكومة جديدة ولا نتيجة في تحقيق المرفأ، ويستمر الفساد باوجه عديدة اهمها  التهريب، وتستمر معاناة الشعب اللبناني من دون اي موعد لخلاص في المستقبل المنظور .

رئيس التحرير




              Pages