التحرير

افتتاحية: هل سيدفع لبنان الضريبة؟




افتتاحية: هل سيدفع لبنان الضريبة؟

يرى المراقبون ان المشكلة الحقيقية في استقالة الحريري، تتمثل بوجوده في رئاسة الحكومة، الذي يعتبر من قبل البعض أنه بات بمثابة، غطاء سياسي لحزب الله الذي تسيطر عليه طهران بشكل أساسي.

وهذه الاستقالة التي جاءت في هذا الظرف العصيب، حيث تبدو فيه سماء المنطقة العربية ضبابية رمادية، ويؤسفنا ان نرى ونسمع ما يدور بين بعض الدول العربية، من تحديات وتهديدات مرفقة بالقول، بأن سلاح حزب الله وجد لحماية الحدود الجنوبية من الوطن، بينما يعتبره البعض، أنه وجد لخراب لبنان، وايضاً لقمع الحريات في الدول الشقيقة، وللتدخل عسكرياً في حروب عديدة تعاني منها المنطقة.

لكننا من جهة أخرى، نرى ان حكمة وموقف رئيس الجمهورية بعدم قبول الاستقالة، شكّلا هزة دولية، وتعاطفاً دولياً مع لبنان، خاصة الدول الاوروبية، التي استجابت سريعاً، بهدف ان تبقى الساحة اللبنانية هادئة، خصوصاً في ظل وجود اللاجئين الحاليين الذين يشكلون (قنبلة موقوتة) تهدد ديموغرافية وتركيبة لبنان.

ان قصة الحريري تطوّرت دولياً، فتخللتها حروب نفسية، استخدمت للضغط ضد إيران وحلفاؤها في لبنان، نتيجة ضغوط خارجية، كمحاولة لوقف تدخل إيران في دول عربية وخليجية، وتمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان. ولكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه الآن، هل سيدفع لبنان والحريري ضريبة الصراع الإقليمي؟.

من هنا نتوقع، ان يواصل الحريري، موقفه الوطني والإيجابي، تحت عنوان (لبنان أولاً) ومع تعهد رسمي للنأي بالنفس، والتعاون مع الأعضاء الموالين لإيران في حكومته، في انتظار ان يأتي في مرحلة لاحقة، حل سلاح حزب الله من خلال ديبلوماسية، في اطار خطط دولية تشمل التسوية في سوريا.

لذلك، تريث الحريري بالاستقالة، مع تمني رئيس الجمهورية، كان خطوة حكيمة، لأنه يدرك تماماً ان لبنان، يقع على مفترق صراعين إقليميين أساسيين، أحدهما بين العرب واسرائيل، والآخر بين السعودية وإيران، ومصير لبنان وعودته الى طبيعته، سيتقرر مع تطور أمن المنطقة ومستقبل سوريا. لكن اذا اردنا بحث ما يتعرض له لبنان اليوم بعمق، نجد أن الطاقة الكبرى، تكمن في عدم الانتماء الحقيقي والمقدس الى وطن الأرز، الذي يفرض على جميع اللبنانيين، ان يكونوا أبناء هذا الوطن أولاً، وان أي إنتماء الى أي دولة أخرى، يجب ان يؤمن مصلحة الوطن الأم ليكن مسموحاً. 

لذلك، الرهان الآن على المرحلة المقبلة، لاختراع تسوية او حصول معجزة، تصحّح الخلل، وتحافظ على أجواء الاستقرار والوئام، من أجل بناء دولة قوية، ليبقى لبنان بلد الحريات والعيش المشترك، وبالتالي تحمي العلاقة الودية والأخوية، التي تربطه مع محيطه العربي، ودول مجلس التعاون الخليجي.

وأخيراُ، لا بد لنا من توجيه تحية اكبار وتقدير، الى فخامة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ودار الإفتاء ووزير الخارجية، إضافة الى جمهوريتي مصر وفرنسا، على الجهود الجبارة التي بذلوها، لحماية الوحدة الوطنية، والحفاظ على سيادة وحرية لبنان.

                            رئيس التحرير




              Pages