كيف انتهت محاولة انقلاب "رؤساء الحكومات السابقين"؟





كيف انتهت محاولة انقلاب "رؤساء الحكومات السابقين"؟

16/9/2020

لم تسقط المبادرة الفرنسية بعد، ولو أرادوا إسقاطها لكان توجه الرئيس المكلف مصطفى أديب الى قصـر بعبـدا وقدّم تشكيلته الوزارية التي يريدها، ووضع الجميع امام خيار القبول أو الرفض، ولكن هذا لم يحصـل. نعم تعرّضت المبادرة الفرنسـية الـى التهشـيم، من قبل أولئك الذين وجدوا فيها فرصـة لتـنفيذ مخططهم السابق بالإنقلاب على نتائج الإنتخابات النيابية الاخيرة.

تشير مصادر قيادية في الثنائي الوطني حركة أمل وحزب الله، الى أنه منذ السابع عشر من تشرين الأول الماضي، هناك محاولات لقلب موازين القوى في لبنان والإنقلاب على نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، التي كرست وجود أكثرية نيابية من قوى الثامن من آذار و«التيار الوطني الحر»، عـبر طـرح الـذهاب إلـى تشكـيل حكومة من المستقلين والدعوات إلى انتخابات نيابية مبكرة، على قاعدة أن هذه الإنتخابـات مـن الممـكن أن تعيد تشكيل أكثرية نيابية جديدة من خلال تبديل النتائج التي تحققت على الساحة المسيحية خصوصاً.

وتضيف المصادر : «بعد فشل تلك الدعوات في تحقيق هذا الهدف، يبدو أن هناك من يريد إستغلال المبادرة الفرنسية، التي قامت على أساس التوافق على تسمية رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب من أجل تحـقيق هـذا الهدف، الذي لم يكن الجانب الفرنسي قد تبناه في السابق، من خلال السعي إلى عزل الثنائي الشيعي، وتسمية شخصيات شيعية تتولى تمثيله في الحكومة العتيدة، تحت شعار «الضرورة والحاجة»، وبالتالي تكريس الإنقلاب على نتائج الإنتخابات النيابية المـاضية، عبر تعطيل مفاعيل الأكثرية النيابية بشكل أو بآخر».

تكشف المصادر أن نادي رؤساء الحكومات السابقين حاول استثمار المبادرة الفرنسية بالتشاور والتوافق مع أطراف خارجية، لتنفيذ مخطط الإنقلاب على الأكثرية النيابية، فالهدف بالنسبة اليهم لم يكن وزارة المال، بل الهدف كان إخراج هذا الفريق النيابي من الحكومة المقبلة، والتي ستُعنى بملفات استراتيجية كملف النفط والغاز، وملف القانون الإنتخابي، وملف ترسيم الحدود.

حاول رؤساء الحكومات السابقين تحميل المبادرة الفرنسية ما لا تحمل، مستندين الى ضغط المهلة التي وضعها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتشكيل الحكومة، فظنوا أن فريق الأكثرية النيابية لن يعارض الفرنسيين خوفاً من العقوبات، وسيسير بما يلزم لتشكيل الحكومة قبل المهلة، وحاولوا الإيحاء بأن الفرنسي يقف خلف الرئيس المكلف بقراره عدم التشاور مع أحد، ووضع الأسماء التي يرغب بها، وهذا الامر لا يعكس الحقيقة اذ أن المبادرة الفرنسية تقوم بالأساس على التفاهم بين القوى السياسية.

«شكّل موقف الفريق الشيعي سدّا منيعا أمام طموح الإنقلابيين»، تقول المصادر، مشيرة الى أن البعض وبعد فشله بإقناع الرئيس نبيه بري بالتراجع، حاول حشره عبر اتصال الرئيس الفرنسي به، ولكنهم اكتشفوا أن المسألة غير خاضعة لأي مساومة، والفرنسي لا يرغب بسقوط مبادرته، لانه أبرز المستفيدين منها عبر عودته بقوة الى الساحة اللبنانية، لذلك تم التراجع وإعطاء مزيد من الوقت للتشاور.

وتؤكد المصادر أن محاولة الإنقلاب سقطت، كما ستسقط كل محاولات الإنقلاب التي تليها، ولو أن التنازل لمصلحة لبنان لكان الفريق الشيعي والأكثرية النيابية أول من تنازلوا، ويشهد التاريخ للرئيس بري تخليه عن وزير شيعي لأجل وزير سنّي يُطلق عمل الحكومة، ولكن التنازل المطلوب هو لاجل فريق سياسي يسعى لتهميش الآخرين في هذه الظروف المعقدّة، وهذا ما لا يمكن أن يمر، وبالتالي فالاحتمالات مفتوحة امام فشل المبادرة الفرنسية، كما أمام نجاحها.

محمد علوش - الديار