مار نصرالله، العماد عون، بيار صادق وبشارة الأسمر





مار نصرالله، العماد عون، بيار صادق وبشارة الأسمر

20 أيار 2019 -

كلوفيس الشويفاتي

بشارة الأسمر أهان لبنان كله وليس البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير الذي سبق وتعرّض للأهانات من الأقربين والأبعدين وسامح وغفر ونسي ما قيل انطلاقاً من إيمانه الكبير، وربما لأنه كان له رأي وطني وسياسي في الأزمات التي عاناها لبنان في خلال حبريته.

لكن خطورة ما تفوّه به الأسمر من كلام دنيء جاء يوم غياب البطريرك الكبير ويوم لم يعد له أي دور وطني قد يُنتقد عليه ويوم اجتماع كل لبنان لوداعه، فكان كلامه مهيناً لكل الذين ودّعوا أيقونة لبنان و"عميد الكنيسة الذي لا يتكرّر" كما وصفه البطريرك الراعي.

لقد كانت تفاهة وسفاهة بشارة الأسمر مهينة لرئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، لأنها جاءت بعد ساعات على تقليد الرئيس عون وسام الوشاح الأكبر للفقيد الكبير وهو أعلى وسام في الجمهورية اللبنانية، إذ لا يُمكن أن يمنح الرئيس الوشاح الأكبر في البلاد لشخصية تتعرّض للإهانة من أحد المسؤولين عن حقوق قسم كبير من كادحي وعمّال لبنان. كما أن ما قام به الأسمر إهانة لدولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو المحسوب عليه كما يُشاع، وقد شارك رئيس البرلمان شخصياً في جناز المثلّث الرحمات البطريرك صفير، وكذلك بالنسبة لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي كان حاضراً أيضاً.

كما أن سفالة الأسمر طالت دولة الفاتيكان والحبر الأعظم الذي وصف الراحل بـ"الرجل الحر والشجاع" وكل رؤساء الدول الأجنبية والعربية الذين أوفدوا ممثليهم للمشاركة في وداع الكبير، ناهيك عمّا شعر به رأس الكنيسة وأساقفتها وكهنتها وكلّ المؤمنين الذين يعتبرون أن البطريرك صفير أيقونتهم ورمزهم الديني والوطني.

لذلك إهانة البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير هي إهانة لكل لبنان برموزه ومسؤوليه رئيساً ودولة وشعباً، هي إهانة لمفتي الجمهورية الذي نعاه بكلام مؤثر، وإهانة لبني معروف الذين توافدوا شيوخاً وشباباً ومسؤولين إلى بكركي لوداع صاحب الغبطة محيي مصالحة الجبل التاريخية.

لقد جاء كلام السفيه في أسوأ وقت وفي أدق ظرف.. وهذا ليس صدفة بل فيه شيء من تدبير الهي كما كانت حياة البطريرك صفير في كل مراحلها وهو الذي لم يتخلَ للحظة عن إيمانه العميق بالله. ففي العام 1986 يوم انتُخب البطريرك مار نصرالله بطرس صفير على رأس الكنيسة المارونية كان الكثيرون يريدون بطريركاً آخر والآراء منقسمة حول اسمَين كبيرَين وقويَين بنظر الموارنة وأحزابهم وأساقفتهم هما المطران يوسف بشارة التي كانت القوات اللبنانية وبعض الأحزاب والقوى الأخرى تريده بطريركاً والمدبّر الرسولي المطران إبراهيم الحلو الذي قيل يومها إنه مرشّح الفاتيكان.

وعندما لم تحسم النتيجة لأي منهما توجه الأساقفة إلى انتخاب النائب البطريركي المطران نصرالله صفير على رأس الكنيسة المارونية والذي لطالما كان يردّد "إن طالب الولاية لا يولّى" وعلّق على انتخابه وهو ليس مرشحاً "إنها مشيئة الرب وتدبير الروح القدس".

بعد الانتخاب رسم الفنان بيار صادق في كاريكاتور آخر الأخبار على شاشة الـ "ال بي سي" صورة البطريرك الجديد وكتب عليها التعليق التالي: "انشالله يا نصرالله ما نقول رزق الله".

بيار صادق والبطريرك صفير أصبحا في دنيا الحق، أما نحن وبعد 33 سنة على انتخاب مار نصرالله صفير بطريرك الموارنة ولبنان نقول: "عليك يا مار نصرالله بنشكر الله."