مليون نازح سوري جديد إلى لبنان؟





مليون نازح سوري جديد إلى لبنان؟

08  نيسان 2019 -

مروى غاوي

يتسارع الحديث في الصالونات السياسية عن نزوح سوري ثان إلى لبنان يتمّ رصده بعد الموجة الأولى التي حصلت في أعقاب الحرب السورية وكان رئيس "تيار التوحيد" وئام وهاب أول من ألقى القنبلة الصوتية عندما لمح لاحتمال قدوم مليون مواطن سوري بعد فترة بسبب الأزمة الاقتصادية في سوريا لتتوالى بعدها تصريحات غير مؤكدة حول رغبة مواطنين سوريين يبحثون عن فرص لمغادرة سوريا وحيث أن الدولة اللبنانية بحكم موقعها الجغرافي هي البوابة الأسهل لعبور هؤلاء.

المعلومات قد لا تكون دقيقة مئة بالمئة ولكن الخبر يجدر التوقّف عنده بعدما أثارت جهات سياسية احتمال تجدّد موجة النزوح بناء لمعطيات ومصادر معيّنة وقد تولّت الجهات اللبنانية في حينه اطلاع دول الاتحاد الأوروبي والدول المانحة على هذا التوجّه.

استندت الجهات اللبنانية في ما نقلته للأوروبيين على ورود معلومات من سوريا عن ضائقة اقتصادية خانقة وبمعاينة دقيقة للوضع الميداني في سوريا الذي لا يبشّر بقدرة السوريين في مناطق معيّنة على الاستمرار والنهوض الاقتصادي وقد توقّفت الحركة الاقتصادية بشكل كامل في المناطق التي طالتها الحرب .

ثمّة حوافز كثيرة لتكرار سيناريو النزوح فمقابل الوضع المهترىء في سوريا يقوم الأوروبيون بطريقة مباشرة وغير مباشرة من خلال المساعدات الممنوحة للنازحين بتشجيع هؤلاء على البقاء في الدول المضيفة وحثّ الآخرين على الإقتداء بخطوتهم، ويقوم مقيمون في لبنان بتحفيز أقاربهم وأصدقائهم على المغادرة حيث تتوفّر للسوريين المساعدات المادية و فرص التعليم والكهرباء المجانية وقد تمكّن عدد كبير من النازحين من تأسيس أعمال حرّة وفتح مؤسسات فيما قد لا يكون هذا الموضوع متوفراً على المدى القصير في بلادهم قبل نهوض الدولة السورية والبدء بالإعمار .

لا تزال أعداد النازحين العائدين إلى سوريا رمزية مقارنة بالقادمين والوافدين الجدد وقد تبيّن في مسح أجرته مؤسسات دولية عدم حماس قسم كبير من النازحين للعودة وحيث يقدّر عدد الراغبين بالعودة ببضعة آلاف أو المئات وقد رصدت بعض العائلات السورية وهي تتواصل لتأمين فرص عمل وإقامة لمواطنيهم لحثّهم على المجيء والاستفادة من المساعدات الدولية.

من العوامل المشجّعة أيضا عدم حماس النظام السوري لاستضافة النازحين الذين غادروا سوريا وتأمين فرص عمل للعائدين ولكثير من المقيمين في الأراضي السورية في ظلّ تراجع قدرات الدولة السورية الخدماتية .

الخطر الفعلي الذي تواجهه الدولة اللبنانية يكمن في عدم قدرتها على تحمّل أعباء النزوح الحالي وهي تقوم بتنظيم العودة عبر الأمن العام فكيف سيكون الحال مع تسرّب أعداد جديدة للنازحين، وقد ظهرت حقائق مخيفة حول وضع النازحين في لبنان في اجتماع اللجنة النيابية التي تداعت مؤخراً لمناقشة الملف وتحدّث المجتمعون عن حجم التهويلات الدولية وجنوح المجتمع الدولي لإبقاء النازحين في البلدان المضيفة كي لا ينتقلوا إلى الدول الأوروبية .

هذه المؤشرات، إضافة إلى تقارير يتمّ تسريبها يمكن التعويل عليها لدق ناقوس الخطر حتى لا تتكرّر الأزمة مرّة أخرى، فالدولة اللبنانية عاجزة عن مقاومة الضغط الدولي عليها لاستضافة النازحين فيما القوى السياسية في لبنان لا تتعاطى بشكل موحّد بعد مع موضوع النازحين حيث يغلّف كلّ فريق موقفه بهواجس سياسية معينة.

قضية النزوح الثاني إذا صحّت ستكون نتائجها كارثية في ظلّ الوضع المالي والاقتصادي الصعب، فلبنان يستضيف مليون و990 ألف نازح يقيمون من بداية الحرب السورية ويتضاعف عددهم بالولادات غير المسجّلة رسمياً، ومقارنة بعدد سكانه فإن لبنان يتحمّل نصف العدد العام للنازحين خارج سوريا فهل يُمكن إضافة مليون نازح جديد؟