عرض ايراني ظريف.. ولكن!





عرض ايراني ظريف.. ولكن!

14 شباط 2019 -

عادل نخلة

لم تكن زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف محض صدفة، إذ إن التسابق الإقليمي والدولي على لبنان كبير جداً ولا أحد يستطيع التخلي عن موطئ قدم على البحر المتوسّط.

تعتبر إيران لبنان أساساً في استراتيجيتها العامّة للشرق الأوسط، فهو منفذها على المتوسّط، ويشير دبلوماسيون غربيون إلى أن الإهتمام الإيراني بلبنان سيرتفع حكماً بعد التطوّرات الأخيرة في سوريا، وأبرزها سقوط بلاد الشام تحت الحكم الروسي، خصوصاً أن الساحل السوري أي اللاذقية وطرطوس هما مربض البوارج الروسية وهذه المنطقة خاضعة بالكامل للروس ولا مكان للإيرانيين فيها.

ويؤكّد هؤلاء أنّ الإيرانيين لا يريدون خسارة نفوذهم في لبنان، علماً أن هذا النفوذ مؤمّن عبر وجود "حزب الله"، في حين أنهم لا يخدعون أنفسهم بأن لبنان واقع بالكامل تحت سيطرتهم، لأن واشنطن موجودة وبقوّة، لكن التصاريح الإعلامية للقادة الإيرانيين هي غير الواقع الموجود على الأرض.

والدليل الأكبر على التوازن الإقليمي والدولي حسب الدبلوماسيين هو أن "حزب الله" وحلفاءه ربحوا الانتخابات النيابية لكنهم أُجبروا على تسمية الرئيس سعد الحريري على رأس حكومة لبنان، وقد نال تحالف "المستقبل"- "القوات"- "الإشتراكي" الثلث المعطّل، كما أن الحريري يستطيع فرط الحكومة ساعة يشاء.

وبالنسبة إلى العروض الإيرانية وخصوصاً في مسألة الدواء والسلاح، فإن مصادر وزاريّة ترى أن دخول لبنان حالياً في مثل هكذا أمر قدّ يعرّضه لعقوبات قاسية من الولايات المتحدة الأميركية هو بغنى عنها، لأن واشنطن تلاحق طهران وتصريحات المسؤولين الأميركيين أكبر دليل على ذلك.

وتوضح المصادر لموقعنا أن لبنان يستورد الأدوية من بلدان عدّة، لكن الإستيراد من إيران في هذه اللحظة الحرجة ووسط شدّ الحبال الإقليمي والدولي قد يغضب أميركا والمحور الخليجي، ولبنان لا يريد أن يدخل في أي إشتباك من هذا النوع لأن وضعه دقيق جداً وهو في غرفة العناية الفائقة.

أما الأهم فهو ما طرحه الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ومن بعده ظريف بأن إيران مستعدّة لتمويل لبنان عسكرياً. ومعلوم قصة السلاح الروسي حيث رفض لبنان شراء الأسلحة من الروس والضجّة التي أخذتها تلك المسألة سابقاً.

وفي السياق، تؤكد مصادر أمنية لموقعنا أن قصة قبول الهبات أو شراء الأسلحة هي عند السلطة السياسية، لكن فيما خصّ الشق التقني، فإن معظم أسلحة لبنان باتت أميركيّة، وبالتالي فإن واشنطن هي الداعم الأول والأكبر للجيش اللبناني، مشيرة إلى أن أي خطوة يجب أن تكون مدروسة، لكن من الشقّ التقني فالأفضل أن يكون السلاح أميركياً لأن معظم الجنود والضباط تدّربوا عليه، لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك مصادر تمويل أخرى إن وافقت الحكومة، لأن الجيش والقوى الأمنية كافّة تخضع للقرار السياسي وهي تعطي رأيها في الأمور التقنية.

لا شكّ أن لبنان تعامل بإيجابية مع طروحات ظريف، ولم يأخذ مواقف عدائية، لكن هناك أمور كثيرة تجعله يرفض العروض الإيرانية، أولها العقوبات الدولية وثانيها عدم الاتفاق السياسي، وثالثها الأمور التقنية واللوجستية.